تمت قراءة 90٪

الفصل 9

أخلاقيات تخص الوالدين تجاه أبنائهم

أصبحت الشبكة العالمية للمعلومات قاعدة معرفية للأطفال، فمنها ينفتح الطفل على العالم، ويرى ما لم يره من قبل، وتتسع دائرته الثقافية، وهذا واضح. انظر إلى المعلومات والكلمات التي يعرفها الأطفال، والأفعال التي يقومون بها الآن، وانظر إلى حالك حينما كنت في عمرهم! لم يزد شيء كثير سوى الإنترنت، وانفتاح الأطفال على الأجهزة التي تسهل الوصول إليه. بل إن الجيل السابق كانت لديه أشياء كثيرة تلهيه وتملأ وقته لا تتوفر لهذا الجيل للأسف، كالمجلات وقصص الكوميكس الهادفة الموجهة للأطفال، وقد توقف أغلبها عن النشر. وأسعار الألعاب مرتفعة، بحيث لم يعد الكثير من الآباء يستطيعون حمل عبئها، وأصبح الطفل يهرب من الإنترنت ليدخل في الإنترنت، من جهاز إلى آخر، تمامًا مثل والديه!

والكثير من الآباء يخضع لطلبات أبنائه الملحة، ليصبح أبناؤه مثل أبناء الآخرين ولا يختلفون عنهم! فيشتري لهم أجهزة توصلهم بالإنترنت منذ سن صغيرة.

وهذه بعض الملاحظات التي ينبغي أن يراعيها الآباء ويتنبه إليها الآباء تجاه أبنائهم في رحلة تربيتهم:

الإنترنت يوفر مجتمعات تعليمية مبتكرة للفنون كافة، لاحظ ما يشاهده وما يتعلمه ابنك وما يهتم به، وحاول أن توفره له إذا لم يكن فيها مخالفات شرعية، حتى يتعلمها ويبدع بها وتصبح هواية مفيدة له، وإن كان فيها شر؛ فنبهه للكف عنها، واشرح له السبب، لا تتركه هكذا دون أن تشرح له خطورته عليه، فلن يكف عن البحث عن هذه الأمور، وإذا ابتعد عنها فستبقى في عقله وقلبه حتى يرجع إليها مرة أخرى دون علمك! وفي كل فنٍّ علم يمكن استخدامه للدعوة وسمو الإسلام، ولعله إذا كبر وأبدع في هذا الفن يكون سببًا لنشر الإسلام، أو عَلَمًا إسلاميًّا في هذا الفن، ولك أجر ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجرِ فاعله»!، وقال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ﴾ [المجادلة: ١١]

حديث شريف The Messenger of Allah (ﷺ) said: “Whoever directs someone to good will have a reward similar to that of the one who does it.” (Sahih Muslim)

مراجع

  • صحيح مسلم – كتاب الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، وخلافته.

استخدام الإنترنت السلبي يسبب العزلة والانطوائية للأطفال، لذلك من الأفضل تحديد أوقات خاصة لهم لاستعمال الأجهزة المتصلة بالإنترنت، مع توفير البدائل للوقت الآخر حتى لا يؤثر ذلك على نفسيتهم ويزيد من تعلقهم وارتباطهم بهذه الأجهزة.

الاشراف على تسجيل الأبناء في مواقع التواصل الاجتماعي، والأصدقاء المتابِعين لهم، ومعرفة الذين يتحدثون معهم في هذه المواقع، قال عليه الصلاة والسلام: «إنما مثلُ الجليسِ الصالح، والجليسِ السوء، كحاملِ المسك، ونافخِ الكير، فحاملُ المسك إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاعَ منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبة، ونافخُ الكير: إما أن يُحرقَ ثيابك، وإما أن تجدَ ريحًا خبيثة»، فالواجب على الآباء والأمهات متابعة أصدقاء أبنائهم ومن يجالسوهم.

مراجع

  • صحيح مسلم (2638).

حث الأبناء على صلة الرحم باستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي، ومؤالفة قلوبهم مع أقربائهم من نفس سنهم، وأعمامهم وأخوالهم، وما أجمل تعويد الطفل على هذه الخصلة الحسنة منذ نعومة أظفارهم!

تحدثنا في باب الأخلاقيات التي تتعلق بالصحة عن أفضلية عدم الجلوس لفترات طويلة على هذه الأجهزة، فينبغي تنبيه الأطفال في حال كانت جلساتهم غير صحية، أو كانوا يجلسون لمدة طويلة، فمن أكثر أسباب تقوس الظهر للجيل الجديد والأطفال هو الجلوس لساعات طويلة بطرق خطأ أمام جهاز الكمبيوتر، وحمل الأجهزة الذكية لفترات طويلة يسبب ضعف الأربطة في أوقات مبكرة. كما يجب التنبه أيضًا إلى أن النظر الطويل للشاشات عند اللعب بالألعاب الإلكترونية وغيرها يؤدي إلى تعب العينين، وقد يؤدي إلى ضعف الرؤية والرؤية الضبابية والصداع. وقد مرَّت معنا نصائح متعلقة بالعينين وكيفية الوقاية من الأخطار التي قد تصيبها..

مراجع

  • مترجم بتصرف من Rounded Upper Back: Causes and Prevention of Kyphosis - Dr Craig Popp / Fox Valley Orthopedics , مترجم بتصرف منPlaying Video Games May Cause Eyestrain - By Troy Bedinghaus, OD / Verywell Health

الألعاب الإلكترونية أصبحت غالبيتها متصلة بالإنترنت، وتسمح للاعبين بالتواصل بينهم، فيكثر فيها السبّ والشتم، فلينبَّه الأبناء إلى كبح ألسنتهم، وعدم التعرض للآخرين وسبهم، وهناك طرق للشكوى في هذه الألعاب، فيستطيع اللاعب تقديم شكوى ضد الأشخاص الذين يقومون بالسب وغيره من الأفعال السيئة، فيقوم القائمون على هذه الألعاب بتقييم هذه الملاحظات والعمل على منعها.

أغلب هذه الألعاب الإلكترونية المتصلة بالإنترنت أصبح بها متاجر لشراء الإضافات، فمثلاً يمكن تطوير شخصية معينة بشراء درع لها، أو أسلحة، أو تغيير شكل الشخصية وغيرها، والكثير ممن يلعبون هذه الألعاب يسرف في شراء هذه الإضافات، ويدفع أموالًا كثيرة لتطوير لعبته. فيلزم منع الأبناء من الإنفاق على هذه الإضافات دون إشراف، ونصحهم في التفكير بهذه الإضافات قبل شرائها، هل هي مناسبة أم يمكنهم استخدام هذا المال في أمور أخرى ذات فائدة أكبر؟ ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعرف: ٣١].

بعض التطبيقات والأجهزة توفر خاصية تحكم الآباء، وخاصية تقييد المحتوى للأطفال، ويمكن الاستفادة منها للتحكم بما يفعله الأبناء ومراقبتهم. لكن ينبغي التنبه إلى أن خاصية تقييد المحتوى مثلاً صُممت بحسب الثقافة الغربية (إذا كان التطبيق غربيًا)، لذلك يلزم معرفة ما تعرضه هذه التطبيقات أيضًا.

والتصرف بحكمة تجاه الأبناء مهم، وخاصة في أمور التقنية الحديثة، فلا يُمنعون منها كلها، كما لا يترك المجال مفتوحًا لهم أيضاً. ويوجَّهون توجيهًا صحيحاً، ليأخذوا منها المفيد، ولا يكونوا أقلَّ معرفة من غيرهم في جيلهم، فيشعروا بالنقص وعدم مواكبة أبناء مجتمعهم...